الموقف الرسمي
الرئيسية » بيانات وتصريحات » مقابلة مع أبو عماد رامز عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وممثّلها في لبنان في ذكرى وعد بلفور

مقابلة مع أبو عماد رامز عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وممثّلها في لبنان في ذكرى وعد بلفور

* يصف المؤرّخون المؤيّدون لوعد بلفور المشؤوم هذا الوعد بأنه نتيجة للشعور الأوروبي العميق بالشفقة تجاه ” الشعب اليهودي ” بسبب ما عاناه من ” اضطهاد ” . بعد ما يقارب مئة عام على صدور هذا الوعد ، أما حان الوقت لإظهار “الشفقة” العالمية على الشعب الفلسطيني ؟مقابلة لموقع " مركز باحث للدراسات " مع أبو عماد رامز عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة وممثّلها في لبنان
ـ لقد تعاطف الاستعمار الغربي مع اليهود والحركة الصهيونية في تلك الحقبة ، تحت حجّة لم تُثبت تاريخياً حتى الآن ، أن اليهود تعرّضوا للاضطهاد الواسع . والحديث عن المحرقة جاء لاحقاً ليعزّز فكرة هذا الاضطهاد الذي وقع على اليهود . والفكرة الرئيسية كانت هي كيفية إنشاء وطن قومي لهؤلاء اليهود . في البداية لم تكن فلسطين هي الهدف ؛ إنما كان الهدف إفريقيا . لكن عندما تمكنت الحركة الصهيونية من حسم الصراع داخلها لجناح الصهيونية السياسية بقيادة الإرهابي ” تيودور هرتزل ” ، بدأ التفكير الجدّي أن فلسطين يجب أن تكون هي الوطن القومي لليهود . وأكثر دولة استعمارية كانت حاضرة لتنفيذ هذا المشروع هي بريطانيا . ولكن هذا المشهد استلزم تحضيراً . الحركة الصهيونية ارتضت أن تذهب بالاتجاه التركي ( السلطنة العثمانية ) التي كانت تحتلّ المنطقة ، لأخذ ” براءة ” بأن تكون فلسطين موطناً لهؤلاء اليهود . لكنها جوبهت بالرفض العثماني . وفي السياق التاريخي ، عندما بدأت الحرب العالمية الأولى انحازت السلطنة العثمانية إلى جانب الألمان . وكان هذا هو المشهد المواتي للحركة الصهيونية ولبريطانيا كي تتدخل بقوّة ، من خلال استدراج الأمريكي للدخول في الحرب على ألمانيا ، بتحريض من اليهود ؛ فوجد الرئيس الأميركي ولسن نفسه آنذاك منخرطاً في الحرب تحت ذريعة أن ألمانيا شجّعت المكسيك على خوض حرب ضدّ الولايات المتحدة الأميركية ، لأنها كانت اقتطعت من المكسيك ثلاث ولايات هي : نيو مكسيكو وأريزونا وتكساس . وقد وقعت كلّ المحادثات والمكالمات والرسائل ما بين ألمانيا والمكسيك بيد البريطانيين ، الذين ذهبوا ووضعوها بيد الأميركيين بتحريض أيضاً من اليهود . وهكذا وجدت أميركا نفسها في الحرب إلى جانب بريطانيا . وهذا ما دفع بلفور للذهاب مباشرة إلى الولايات المتحدة لاستطلاع رأيها حول إصدار وعد بلفور عام 1917 ، حيث وافق الرئيس الأميركي ولسن على هذه الفكرة ؛ وبذلك صدر القرار المشؤوم . والبريطاني لم يكن ليتجرّأ على إصدار هذا التصريح من دون ذلك وهو المثقل بديون من الخزانة الأمريكية والتي بلغت 850 مليون جنيه استرليني لدفع نفقات الحرب الباهظة . وعليه ، هذا ” الاضطهاد ” المزعوم دفع الدول الاستعمارية لإعطاء اليهود الوطن الفلسطيني وطرد الفلسطينيين من أرضهم عطفاً منها على اليهود! وبتقديري ، المجتمع الدولي كان ولا زال ينظر للمسائل بعينٍ واحدة . نحن نُضطّهد ونُشرّد ونُقتل . ولكن هذا المجتمع الدولي ينظر إلى مصالحه فقط . وجزء من المصالح البريطانية هو حماية قناة السويس التي تُعتبر الممرّ المائي الوحيد ما بين أوروبا والمنطقة . والمجتمع الدولي لا ينظر إلى الشعب الفلسطيني كشعبٍ شرّد وطُرد ومورست بحقّه كلّ أشكال المجازر والاستيطان والتهوي د. للأسف ، هذا المجتمع الدولي لا يحترم إلاّ الأقوياء .

* تحدّثتم عن أنه لو لم تكن فلسطين وطناً لليهود ، لكانت أيّ بقعة في هذا العالم . ما هي دقّة هذه المعلومة ؟
ـ الواضح أن جزءاً كبيراً من إفريقيا كان واقعاً تحت السيطرة الاستعمارية ما بين فرنسا وبريطانيا . و هناك خيارات طُرحت حينها على اليهود أن فلسطين الآن غير متاحة ، ولدينا أوغندا وأكثر من مكان. لكن اليهود رفضوا هذا الأمر . ومع تطوّر الأحداث ، وبالتالي اندلاع الحرب العالمية الأولى ، تغيّر الوضع . ففي البداية كان الخوف أن السلطنة العثمانية لا زالت حاضرة وتضع يدها على المنطقة بشكل كامل . لكن الحركة الصهيونية استغلّت اللحظة التي اندفعت بها السلطنة العثمانية للدخول في الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا ، حيث وجد الغرب الاستعماري ( بريطانيا ـ وبتشجيع فرنسي وإيطالي ) أن الوقت مناسب للانقضاض على فلسطين . وكان ينقص الدعم الأميركي فقط. وكما ذكرنا ، تم التواصل مع الرئيس ولسن ودفعه للحرب الى جانب أوروبا في مواجهة ألمانيا .
* من المعلوم أن آرثر بلفور كان من أكثر الأشخاص كرهاً ومعارضةً لليهود ، فكيف يمكن تفسير جهوده للدفاع عنهم ووعدهم بإقامة أرض لهم في فلسطين ؟
ـ نعم ، هذه الحقيقة كانت حاضرة بأن بلفور كان من أشدّ المعارضين لليهود . لكن علينا أن لا ننسى أن الجذور الدينية لبلفور هي التي لعبت دوراً مساعداً ، لأنه كانت هناك مزاوجة بين المسيحية واليهودية ؛ وهذا ما أثّر في بلفور ، وهو من مدينة كان نائباً عنها ، والمعروفة بالطابع الديني ، والحديث العام عن ما تعرّض له اليهود . ولذلك انبثقت فكرة دفع الهجرات اليهودية خارج أوروبا . وأيضاً ، المسألة ليست فقط متعلقة بالعامل الديني ، بل هناك عامل المصالح ، حيث أرادت بريطانيا أن تدفع باليهود إلى خارج البلاد . وهكذا تبلورت الفكرة بتهجيرهم نحو فلسطين .

* هناك حملات داخل وخارج بريطانيا تدعو بريطانيا للاعتذار عن وعد بلفور في مئويته . ما هي برأيكم النتائج المرجوّة من هكذا اعتذار؟
ـ الاعتذار لا يقدّم لنا أيّ شيء على الاطلاق . حتى جاك سترو (وزير خارجية بريطانيا سابقاً) عام 2002 قدمّ اعتذاراً ولم يفعل شيئاً ، ولم يذهب باتجاه أن يعكس الاعتذار الذي قدّمه على الأرض ، لتجاوز الخطيئة الكبرى التي ارتُكِبت بحقّ الفلسطينيين بالمعنى الأخلاقي ، والقانوني ، و التاريخي ؛ وحتى الديني ، وخاصة أن وعد بلفور أكد حينها على الحفاظ على مصالح الأقليّات في فلسطين . وكان المقصود الشعب الفلسطيني . وهذا الأمر لم يُطبّق على الأرض . لذلك، نحن لا نعوّل كثيراً على أيّ اعتذار ، حتى لو سعت النخب البريطانية لدفع الحكومة البريطانية للاعتذار . فهناك تطورات تاريخية قد حصلت ، مثل التوقيع على اتفاق أوسلو في العام 93 ، والذي سيُبرز في وجه الفلسطينيين للقول لهم : أنتم تنازلتم عن 78%من أرض فلسطين ، ومنظمة التحرير اعترفت ب” إسرائيل ” ؛ فهذا الواقع المؤسف أيضاً من المعيقات . وبالتالي فإن تحرّك السلطة الفلسطينية و منظمة التحرير بطيء في هذا الاتجاه ، وهناك اليوم تلويح بشكل خجول للإعلان عن هذا الاعتذار . ولكن نحن أصلاً لسنا بحاجته . نحن بحاجة لإعادة الاعتبار لخيار الشعب الفلسطيني في المقاومة . وبتقديري ، فإن بريطانيا ، وكلّ المجتمع الدولي ، عندما يجد أن الفلسطيني قد عاد مجدّداً إلى المقاومة وأسقط الخيار السياسي الذي له علاقة بالمفاوضات و التسوية والتنازل للكيان الصهيوني ، هذا المجتمع الدولي سيضطرّ إلى إعادة دراسة كلّ مواقفه السابقة .

* تتضارب المعطيات حول وجود دور للأيادي العربية في إصدار الوعد المشؤوم . فهل آزر وعد بلفور لليهود وعدٌ عربي ؟ أم أنه لم يكن بحاجة إلى ذلك ؟
ـ هناك مصالح تدفع الدول الاستعمارية إلى ضرورة أن تأخذ برأي الأنظمة التي نصّبتها في المنطقة ، والتي كانت بيد السلطنة العثمانية . ونحن لا نعرف كامل حقيقة مراسلات حسين ـ مكماهون وكلّ تفاصيلها وأسرارها . وبتقديري ، هناك دول أوجدت في المنطقة ، وكان الشرط الأساسي لإيجادها القبول بالكيان الصهيوني وأن تكون كلّ فلسطين بيد اليهود . نعم ، بالتأكيد هناك دورٌ ما للعرب في ما حصل ، وتحديداً الأردن في شرق النهر والسعودية ؛ وهناك وثائق بدأت تُكشف في وسائل الإعلام بأن الشرط الأساسي لقيام مملكة آل سعود كان القبول بالكيان الصهيوني ، وأن تضع الولايات المتحدة الأميركية و( الغرب الاستعماري ) يدها على الثروة النفطية . وقد كُشف لاحقاً عن لقاءات وزيارات سريّة في هذا الصدد ، ما يدلّل على وجود توافق ما حصل على قيام الكيان الصهيوني . ومثلاً خلال التوقيع على اتفاقية وادي عربة بين الأردن والكيان الصهيوني ، تحدث الملك حسين عن 20 لقاء سرّي حصل ، ليأتي ردّ ” الإسرائيليين ” أنه حصل 21 لقاءاً ، يعني هذا أن ” إسرائيل ” “دقيقة أكثر من الملك حسين . وهناك الكثير من الشواهد التاريخية التي تُظهر التآمر بمكانٍ ما من قِبل هذه الدول العربية .

* وعدٌ أعطى الحق لمن لا يملك الأرض أن يهبها لمن لا يستحق . فما هي صلاحيات بريطانيا آنذاك في أن تعِد اليهود بفلسطين كوطن قومي لهم ؟
ـ لا توجد أية صلاحيات لها . أوّلاً فلسطين في عام 1917 لم تكن تحت الانتداب البريطاني. هي أصبحت جزءاً من هذا الانتداب نتيجة اتفاقية سايكس ـ بيكو . وبتقديري ، هما وجهان لعملة واحدة ؛ يعني كانت اتفاقية سايكس ـ بيكو الممرّ للوصول إلى وعد بلفور . ورغم ذلك ، لا يحقّ لأيّة دولة محتلة لبلد أن تجيز اتفاقيات أو توقّعها مع أيّ طرف آخر . ومن جانب آخر ، فقد اشترطت عصبة الأمم المتحدة في المادة 20 من ميثاقها ، أن على جميع أعضاء العصبة يقرون كل ما يعنيه ، بان هذا الميثاق يُلغي كل الالتزامات أو الاتفاقيات الدولية المتعارضة مع أحكامه . ويتعهدون رسمياً بعدم عقد التزامات أو اتفاقيات مماثلة في المستقبل . وإذا كان أحد الأعضاء قد تقيد ، قبل دخوله العصبة ، بالتزامات متعارضة مع أحكام الميثاق ، فعليه اتخاذ التدابير الفورية للتخلص منها ” .

* ما هي الإنجازات التي حقّقتها الفصائل الفلسطينية لإسقاط هذا الوعد المشؤوم دولياً ؟
ـ هذا التعاطف الذي نراه اليوم في واقع الرأي العام الأوروبي ، رغم أننا لم نصل من ورائه للنتائج المرجوّة والمتوخاة ، هو ثمرة لنضال وكفاح الشعب الفلسطيني . نعم ، لقد أصبح صوت الشعب الفلسطيني مسموعاً ، والرأي العام الدولي متعاطف معنا ، وحتى داخل الولايات المتحدة الأميركية ، هناك آراء بدأت تظهر في مواجهة ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني . ولكن بالمعنى الدبلوماسي ، هناك سلطة فلسطينية ترهن حلّ القضية بالمفاوضات ؛ وتكرّر أنه ليس هناك من بديل عن المفاوضات سوى المفاوضات ، وحتى ممثّل فلسطين في الأمم المتحدة ناصر القدوة ، قدّم مؤخراً مبادرة من عشر نقاط لحلّ المأزق الفلسطيني ، وقال إنه من الخطأ أن تبقى السلطة متمسكة بمفاوضات عبثية لمجرّد أنها تريده ا، ويجب أن تذهب نحو خيارات أخرى . والآن ، آخر إبداعات السلطة الفلسطينية كان طرح ” المقاومة السلمية الذكية ” . لكن أنا أؤكد أن المزاج في العالم يتغيّر لصالحنا ولو ببطء ، وهذا الأمر مفيد . ونحن لا نراهن على أيّ حال على الدول، بل نراهن فقط على الشعوب .

* تتناقض التحليلات حول الدور الذي سيلعبه الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بالنسبة للقضية الفلسطينية . ما رأي الجبهة الشعبية في ذلك ؟
ـ أنا آسف لهذا التعبير : إن كان حزب الفيل أو حزب الحمار ، فبالنسبة لنا كلاهما واحد ، وهما ( ترامب أو كلينتون ) لن يغيّرا شيئاً على الإطلاق ، لأن المناظرات والمواقف التي أُطلِقت خلال الحملات الانتخابية هدفت فقط لاستعطاف اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة ؛ وبالتالي المشتركات بين الحزبين وكلّ قادة أميركا معروفة : كيفية إبقاء ” إسرائيل ” قوية ودعمها والمحافظة عليها ، وأن تكون الدولة الأقوى في الواقع الإقليمي . لكن نحن سعداء لفوز ترامب حتى يُظهّر الصراع أكثر ، لأن أوباما قدّم نفسه على أنه رجل سلام ، لكنه أنهى ولايته ب38 مليار دولار تُدفع للكيان الصهيوني على عشر سنوات ؛ وهي الصفقة الأعلى التي تُعطى للكيان الصهيوني . ومع أن ترامب قال إنه سينقل السفارة الأميركية إلى القدس لأنها العاصمة اليهودية ، نحن نشكّك بذلك ، لأن الكثير من الرؤساء الأميركيين قالوا إنهم سينقلون السفارة ، فيما الوقائع أثبتت عكس ذلك .

* عائلة روتشيلد التي وعدها بلفور بفلسطين تملك أهم الشركات في العالم . فهل كان وعد بلفور الأساسي اقتصادي التوجّه ؟
ـ السياسة والاقتصاد لا ينفصلان ، والسياسة هي التعبير المكثّف عن الاقتصاد . ومن يملك الاقتصاد يستطيع أن يفرض قراراته . و الولايات المتحدة الأميركية التي تعاني ما تعانيه حالياً من أزمات مالية ، لكنها حتى الآن الدولة رقم واحد بين اقتصاديات العالم . نعم ، لقد تبنّى اليهود هذه النظرة سابقاً ، وروتشيلد استطاع من خلال هذا الحضور المالي الهائل له في بريطانيا أن يحقّق الحلم الصهيوني بأن يكون لليهود الصهاينة وطن في فلسطين على حساب الشعب الفلسطيني

أجرت المقابلة : حنين رباح

تابعنا على تلجرام

اضف رد

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com
آخر الأخبار